أوراق ساخنة وتدور في اشتعالاتها .. تلك كانت الكلمات التي بعث بها وليد الهودلي من سجن هداريم وهو يقضي فترة محكوميته، ثلاثة عشر عاماً في باستيلات الاحتلال الصهيوني .. بالكاد تستطيع أن تفكّ رموز ما حبّرته يد الهودلي في عتمام الزنازين ..
(ستائر العتمة - تسعون يوماً من المواجهة الملتهبة في زنازين بني صهيون) .. حيث يسرد الكتاب التجربة الاعتقالية الشخصية للمحرّر وليد الهودلي .. منذ إلقاء القبض عليه ومجموعته بعد تنفيذ عملية فدائية ضدّ مستوطنين .. يتابع الهودلي خيط الحكاية ويستمرّ في رواية التفاصيل وفضح الأساليب الصهيونية التي تسعى إلى تنخيل الذات المقاومة ودفعها نحو الإحباط واليأس والركونية ..
إنّ (ستائر العتمة) بما يحمله من غنى التفاصيل والذهاب في المواجهة إلى أقاصي التحدّي، وجهاً لوجه مع السجّان الصهيوني يقدّم صورة حيّة عمّا يتعرّض له المعتقلون الفلسطينيون من تصانيف التعذيب الجسدي والمعنوي .. وفي تصديره للكتاب يوضّح الهودلي بأنّ هذه الرواية كُتبت في وقتٍ غيّر فيه الكيان الصهيوني أساليبه في التحقيق من العنف الجسدي والنفسي إلى العنف النفسي، إلاّ في حالات خاصّة، تستدعي استصدار إذن خاص بها لممارسة التعذيب الجسدي معها، كما يؤكّد الهودلي أنّ القرار السابق قد دُرس جيّداً وروعيت فيه مصلحتهم من عدّة نواح .. وبالتالي فهو قابل للتغيير أو العودة للأسلوب القديم إذا دعتهم مصلحتهم لذلك .. حوارية الهودلي مع ذاته وأبناء مجموعته، تساؤلاته وهواجسه .. لحظة انتظار جولات التحقيق، "عصافير" السجن وأدوات الاحتلال في نزع الاعترافات من المعتقلين .. كلّ ذلك نشمّه ونلمسه في ثنايا الكتاب ..